كثيرٌ من الفقهاءِ عُرِفَ بسَعةِ علمه في الفقهِ وفنون الشريعة ، ومسالك الترجيج ، وتحقيق المسائل ؛ مما قد يغلب على ظنِّ كثيرٍ من طلاَّب العلم أنَّ هذا الفقيهَ لم يقرض الشَّعرَ أبداً ؛ بله أن يكونَ شعرُه رقيقاً ، يلامس المشاعر ، ويرهف الحِسَّ ، ويبث الأشجان!
ولكثيرٍ من الفقهاء من ذلك - في الشعرِ الرَّقيقِ خاصَّةً - مقطوعاتٌ جميلةٌ ، وأبياتٌ لطيفةٌ ، تأخذ بمجامعِ المتأمِّل ، وتطربُ المطالِع ، وهم يتفاوتون كثرةً وقلَّةً .
ولفقهاء الأندلسِ خاصَّةً عنايةٌ به ، وإكثارٌ منه ، ولغيرهم أبياتٌ أيضاً .
وسأذكرُ في هذا الموضوعِ بعضَ أبياتِ الفقهاء مما لذَّ وطاب ، وأخذَ بالألباب ؛ مما يجمُّ النفسَ ، ويؤنس الروح .
وأبدأ بما نُقِلَ عن بعضِ أئمةِ مذهبنا ، مذهبِ الإمامِ المبجَّلِ أحمد بن حنبل .
قال العلاَّمةُ الرَّسْعَنِيُّ [ ت : 660 ] - رحمه الله - :
ولو أن إنساناً يبلِّغُ لوعتي ** ووجدي وأشجاني إلى ذلك الرّشا
لأسكنته عيني، ولمْ أرضها له ** ولولا لهيبُ القلبِ أسكنته الحشا !
لتحميل كتاب شعر الفقهاء