قصة جميله وردت عن أحمد بن مسكين و هو أحد كبار التابعين:
...
كان في البلدة رجل اسمه أبو نصر الصياد يعيش مع زوجته وابنه في فقر مدقع..
و ذات يوم .. وبينما هو يمشي مهموماً مغموماً على زوجته وابنه الذيْن كانا يبكيان من الجوع .. مرّ على أحد علماء المسلمين وهو "أحمد بن مسكين" وقال له: أنا متعب مهموم..
فقال له : اتبعني إلى البحر..
ذهبا إلى البحر، فقال له الشيخ: صلّ ركعتين ثم قل: بسم الله.. فقال بسم الله... ثم رمى الشبكة فخرجتْ بسمكة عظيمة.!!
قال له: بعْها واشتر طعاماً لأهلك ، فذهب وباعها في السوق واشترى فطيرتين إحداهما باللحم وأخرى بالحلوى..
قرر أن يذهب ليطعم الشيخ منها.. فذهب إليه و أعطاه فطيرة !..
فقال له الشيخ : (لو أطعمنا أنفسنا هذا ما خرجت السمكة)!!..
أي أن الشيخ كان يفعل الخير للخير، ولم يكن ينتظر له ثمناً، ثم ردّ الفطيرة إلى الرجل .. و قال له: خذها أنت وعيالك..
و في الطريق إلى بيته قابل امرأة تبكي من الجوع و معها طفلها.. وقد أخذا ينظران إلى الفطيرتين في يده!..
فقال في نفسه:هذه المرأة و ابنها مثل زوجتي و ابني يتضوّران جوعاً فماذا أفعل ؟
نظر إلى عيني المرأة.. فلم يحتمل رؤية الدموع فيها، فقال لها :خذي هاتين الفطيرتين..
ابتهج وجهها و ابتسم ابنها فرحاً.. و عاد الرجل يحمل الهمّ و الغم ..فكيف سيطعم امرأته وابنه ؟
و بينما هو يسير مهموماً سمع رجلاً ينادي: من يدلّ على أبي نصر الصياد؟
فدلّه الناس على الرجل.. فقال له: إن أباك كان قد أقرضني مالاً منذ عشرين سنة ثم مات .. و لم أستدل عليه ، خذ يا بني هذه الثلاثين ألف درهم مال أبيك. !
يقول أبو نصر الصياد :
أصبحتُ من أغنى الناس.. و صارت لديّ بيوت و تجارة.. و صرتُ أتصدق بالألف درهم في المرة الواحدة لأشكر الله..
و مرت الأيام و أنا أُكثر من الصدقات حتى أعجبتني نفسي !!..
و في ليلة من الليالي رأيتُ في المنام أن الميزان قد وضع ..
و نادى مناد: أبو نصر الصياد هلمّ لوزن حسناتك وسيئاتك..
وُضعتْ حسناتي في كفة و سيئاتي في الكفة الأخرى، فرجحتْ كفة السيئات!..
فقلتُ :أين الأموال التي تصدقتُ بها ؟
وضعتْ الأموال.. فإذا تحت كل ألف درهم (إعجاب نفس).. كأنها لفافة من القطن لا تساوي شيئاً، و رجحتْ كفة السيئات!!..
أخذتُ أبكي و أقول:كيف النجاة؟
فإذا بالمنادي يقول هل بقي له من شيء ؟
فأسمعُ المَلَك يقول: نعم ..بقيت له فطيرتان ..فتوضع الفطيرتان في كفة الحسنات فتهبط كفة الحسنات حتى تتساوى مع كفة السيئات.
فخفتُ.. فإذا بالمنادي يقول: هل بقي له من شيء؟
فأسمعُ الملك يقول: بقي له شيء..
فقلت: ما هو؟
فقيل له: (دموع المرأة) حين أُعطيتْ لها الفطيرتان!!..
وضعتْ الدموع..فإذا بها كحجر ثقيل ..فثقلتْ كفة الحسنات..
فرحتُ عندها كثيراً .. فإذا المنادي يقول: هل بقي له من شيء؟
فقيل: نعم ..(ابتسامة) الطفل الصغير حين أعطيتْ له الفطيرتان..
فإذا بكفة الحسنات ترجح كثيراً..
و أسمع المنادي يقول: لقد نجا.. لقد نجا..
استيقظتُ من نومي وأنا أقول: (لو أطعمنا أنفسنا هذا لما خرجتْ السمكة).! انتهى
خفّفوا من دموع المحتاجين..
ارسموا البسمة على وجوه الأطفال..
أكثروا من فعل الخيرات ..
و لكن اجعلوا أعمالكم دائماً خالصة لوجهه تعالى....